-->
مجلة العربي الأدبية مجلة العربي الأدبية
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أ. جمانة الزبيدي .. قراءة نقدية عن قصة" الاهوت البوهيمي"-مجلة العربي الأدبية




  قراءة عن قصة" اللاهوت البوهيمي"

 للأستاذة نور الزهراء (الهدوء والسكينه )



كتبت أ. جمانة الزبيدي :

تجلياتٌ أم أعتراف؟

دراسة تفكيكية 

لنص اللاهوت البوهيمي: نور الزهراء(الهدوء والسكينة)

في كل مرة أراك فيها متمنعة الغور ،مستحكمة التفرد، قصة من أروع ما قرأت للأدب الرمزي التجريدي..

نبدأ بالقصة من الشكل الظاهري:

تميزت القصة بثنائية الصورة العامة..حيث تتقبلها نصاً مسرحياً كما تتقبلها نصاً قصصياً وهذه المزية لايستخدمها إلا من كان له باعٌ متفرد في الأدب السردي..

إستهلت الكاتبة منصتها بعنوان يشد القارئ عنوة،حيث مزجت فيه بين عشوائية البوهيمية وتسامي اللاهوت (أعلى مراتب التسامي الروحي) وهذه مفارقة لجمع الضدين أرادت بها الكاتبة الإلماح إلى النزاع الأزلي بين الملكات الانسانية جذبا للناسوت..وتجلياً للاهوت..

إطار اللوحة السردية:

مسرح أحادي، كرسي ذو القوائم الثلاث المكسور إحداهما عنوة..كناية عن الأضلاع الثلاثة لمثلث الحياة الأعرج 

وكانها تخبرنا أن الحياة لاتستقم وتيرتها حسبما نشاء..إلا إذا أرضخناها عنوة آنذاك لابد من التضحية بما تستقم به..

شخوص النص:

أرواح ثلاث...الأول وجه مرعب بأجنحة ملائكية..رمزا للتسلط الذي يطير به الإنسان حيثما تعالى

الثاني ..وجه نوراني بمخالب تقطر دماً...رمز للذين يتخذون من الدين وسيلة، أو ربما هي كلمة التكبير عند قطع الرقاب وسمل الأعين وهتك الأعراض..

الثالث..شبح مغبش الملامح يظهر بين الفينة والفينة يلملم اشلاء هذا وذاك...وهنا أحكمت القاصّة رمزيتها بمنتهى الذكاء والحرفنة عندما أرمزت للخنوع والتذلل بهذه الصورة البديعة للعبودية المقيتة.او هو تصوير للضمير المغيب،أو الكرامة المهدورة طوعا،

الحوار:

بدا الحوار كحديث النفس للنفس...وتأنيب الروح بصوت عالٍ يشق أستار الظلام...أرادت الكاتبة من كل هذا رسم واقع مرير للنفس المنغمسة والمتلاشية باللاشئ..واللا منطق واللاعقلائية واللا أخلاقية...لتصل إلى مرحلة النبذ الذاتي والإشمئزاز وهذا مانتلمسه في الحوار الدائر

(ابتعدوا فما عاد في جسدي مكان للطقوس ، واعقبها بتنهيدة كانت أكبر من أن يحتويها صدره المثقل )

صارخا، متمردا،ثائراً على القيود الصدئة ..ونابذاً باشمئزاز ماآلت إليه روحه...وكأنه قربان لطقوس شيطانية ماجنة..ألمحت الكاتبة بمكر أدبي إلى خيطٍ رفيع من الانسانية استغلظ ختاماً ليقف بصاحبه على منصة الإعتراف (- نادم ، نادم على فعلتي هذه ، أرجو منكم السماح ، وأقدم الاعتذار ) في محكمة عقدتها ذاته لذاته(لا يمكن ذلك ياابن الكهنوت المتنمر ، فنحن ابناؤك الاوفياء ، ربيتنا بعزك ، ورويتنا بعمرك ، وكبرتنا أتريد التبرئة منّا الآن؟) جمال الرد وحتمية إبقاء الروح تحت نير الصراعات وتجاذبات الحياة أظهرا ماتمتعت به من حنكة في تبيان مآل الاشباح المتنمرة التي ساقها للقاع

وأودت به الى الحضيض الناسوتي...

تضع القاصّة خاتمة متعددة الصورة عندما تختار أضعف الأشباح أن ينفذ الحكم الذي فهمه الجميع دونما نطق أو أن ينبس احدهم بكلمة بغرزه وتداً بقلبه لتتحرر الروح بصوفية خالصة من قيود أشباحها مخبرة بأن الاشباح هي صنائعنا وخواتيمنا ماهي إلا نهايات نحن نضعها ونمهد لها منذ البداية...وضّفت عنصر المفاجأة عندما أسدلت الستار لمتكلم واحد ومشاهد واحد ومصفق واحد لممثل واحد...وهو الذات لذاتها...

عنصري الزمكان لم يكونا واضحين لأن الاحداث التي تتابعت خارج حدودهما،وما المسرح إلا كنايةً عن منصة الحياة،وهذا التغييب مقصود لترك القارئ يسجل زمكاناً من تأثره.

الجو النفسي:

أخذت الكاتبة بجانب (وقفة مع الذات) بسبك نفسي دقيق حيث سلطت الضوء على مؤثرات الذات الخارجية

والتي تميل إلى التقوقع في أبعد نقطة سحيقة من اللاوعي..وبأقرب مركز للشعور..حيث يمكنها التسلط والسيطرة على سلوكيات النفس..

الجو الموسيقي:

اختارت الكاتبة النغم الصاخب (- آآهٍ ، آآآه) (فضحك الاشباح بقهقهات عالية) وهذا مايتردك أثرا ً يوحي بامتلاء المسرح لتعالي ضجيجه، كما يشدّ السامع ويوتّر المتتبع ليعيش الحالة الإنفعالية للحدث..لتختمها بالعزف على أهدأ المقامات كتراتيل الصوفيين لتترك للنَفَسْ المتقد واللاهث السكون..

تنتمي القصة للأدب التجريدي، وللأنطلوجيا العميقة

والتي أبدعت بمهارة باستعمالها،وتغلبت على قدرة الكاتب...ختاما أجادت وأوصلت صورة قلما نجد من يحسن رسمها لها ودي وتقديري واحترامي

  أ. جمانة الزبيدي .

العراق 

   مجلة العربي الأدبية 

أ. جمانة الزبيدي .. قراءة نقدية عن نص " الاهوت البوهيمي "



التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة العربي الأدبية

2022