-->
مجلة العربي الأدبية مجلة العربي الأدبية
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أ. عبد الناصر أبو بكر .. مقال " على هامش مؤتمر شطورة " -مجلة العربي الأدبية



 على هامش مؤتمر شطّورة 

المحتفي بفن الواو .. والذي هو من أهم ألوان الفنون القولية في مصر



كتب أ. عبد الناصر أبو بكر:

عُقد خلال اليومين الماضيين مؤتمر خاص بفن الواو في قرية شطورة بمركز طهطا التابع لمحافظة سوهاج, والمدهش في هذا العرس الثقافي هو الحشد الشعبي الكبير الذي جعل من حدث عادي يتكرر كل يوم في ربوع مصر والوطن العربي عرساً أدبياً ضخماً.. يتميز بالتنظيم الدّقيق للفعاليات, وبالمشاركة الواسعة من كل قطاعات مجتمع شطورة, فلم أرَ مثل ذلك الزخم في أمسية شعرية قبل ذلك سوى في السودان الشقيق الذي يحتفي بالشعر وبالشعراء, فتخرج المدينة عن بكرة أبيها تلبية لنداء القريض.

والسؤال هُنا.. هل كان ذلك نتيجة عشق الناس لفن الواو, أم لثقافة هذه القرية الضاربة بجذورها في كل مناحي المعرفة الإنسانية؟! والإجابة هي نعم في الأولى وفي الثانية, ففن الواو من الفنون الشيقة التي تستولي على الآذان والألباب لما حبابها الله به من براعة استهلال وتكثيف وجناس تام, ولعب بالمفردات, وتوظيف جيد للتراث, واحترافية, وتقليب للمواجع, وكذلك القرية لها خصوصية في التعليم والثقافة والأنشطة الحرفية والتجارية, ومن خلال حديث قصير مع الصديق الشاعر الدكتور / عبدالحافظ بخيت متولي.. عرفت العدد المدهش لأساتذة الجامعات المنتمين لهذا البلد الطيب, فمن يُصدّق أن قرية من قرى صعيد مصر.. بها 1500 أستاذ جامعي, بالإضافة لعدد كبير من الدارسين الحاصلين على درجة الدكتوراة ولا يعملون بها في السلك الجامعي.

عرفت أيضا من خلال حديثي المُسجّل مع الصديق الدكتور عبدالحافظ بخيت سبب تسمية هذا البلد بذلك الاسم المثير للاستغراب, حيث ذكر لنا ذلك الابن البارّ بقريته أن سبب التّسمية يرجع إلى تحريف لكلمة شطورات المحرفة أيضاً عن جملة ( شطّ ما وراء النَّهر ) وأنا أزعم أنَّ تلك التَّسمية هي تصغير لكلمة شاطرة.. أي متفوِّقة في العلوم والآداب, والتصغير من أغراضه التَّدليل, وهذه القرية تستحقّ التدليل والدَّلال, وزيادة الاهتمام, واكتشاف ما بها من كنوزثمينة.

ليس ذلك هو كل شيء عن قرية شطورة.. فقد نزلت ضيفا أنا وابن عم لي عند رجل كريم من رجال القرية المشهود لهم بالنبل والاحترام والتقدير, وهو فضيلة الشيخ / كمال مزيد.. فأكرمنا وأوفى لنا الكيل, وتصدّق علينا بالأخلاق النبيلة والكرم الحاتمي والابتسامات الساحرة, وخرج بنا في جولة حُرّة حول القرية, ومرَّ بنا على ديار أهل العلم والأدب والصحافة هناك, وشاركنا في أفراح القرية واحزانها, فقد شهدنا مع الشيخ كمال مراسم تشييع شاب توفاه الله, وذهبنا مع الشيخ لخيمة الجمع لأداء واجب العزاء, وشهدنا مولد طفل جميل, وتلا الأذان والإقامة في أذنيه رفيقي في الرحلة.. فضيلة الشيخ زهر الدين محفوظ,, وحضرنا عرس فتاة طيبة من فتيات القرية, وصافحنا الكثير من مُحبي الشيخ, وخطبنا الجمعة ورفعنا الأذان في احد مساجد البلدة, وهجمنا هجوم المغول على حاضرة الدُّنيا ( بغداد ) عندما شممنا الروائح الزكية, ورأينا طواجن اللحمة على مائدة الشيخ كمال.. فجزاه الله عنّا خير الجزاء.

ومن الفوائد العظيمة أيضا في تلك الرحلة الميمونة مصافحتنا لمعالي الدكتور مصطفى رجب.. ابن شطورة, وشيخ التربويين, والشاعر الكبير الذي تميز بقصائد الشعر الحلمنتيش.. ولكم أن تستمتعوا بقصيدته ( قالت وقد بصّت عليَّ عوافي ) إذا كانت لديكم الرغبة في سرقة لحظاتٍ من الفرح.

أيضاً سعدت جدا بابنتي رؤية.. تلك الطفلة المعجزة التي تذوقت طعم الشعر الشعبي وهي لم تزل في طور الطفولة, وبرعت في أداء قصيدة الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي ( يامنة ) كما حفظت مربعات والدها الشاعر ناجح عمارة, وتفوقت في غناء اناشيد السيرة الهلالية بصوت ساحر للألباب.. فشكراً لروية ولأبويها.

وشكراً لهذه القرية الكبيرة العريقة التي قال عنها الدكتور عبدالحافظ بخيت:

سوهاج تابعة لقرية شطورة, والعكس صحيح.

 أ. عبد الناصر أبو بكر 

جمهورية مصر العربية 

   مجلة العربي الأدبية 

أ. عبد الناصر أبو بكر .. مقال " على هامش مؤتمر شطورة "



التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة العربي الأدبية

2022