-->
مجلة العربي الأدبية مجلة العربي الأدبية
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أ. جمانة الزبيدي .. قراءة نقدية عن نص " من فعل هذا " أ. مناف مسلم -مجلة العربي الأدبية

 



قراءة تحليلية - إجتماعية بقلم جمانة الزبيدي 

   (من فعل هذا )للأستاذ مناف مسلم


كتبت أ. جمانة الزبيدي :

قراءة تحليلية :

تتعدد المدارس الأدبية وتختلف مشاربها تباعاً للبنية النظرية التي ترتكز عليها ، ويبقى للمدرسة الواقعية ذلك الأثر القوي، ويُعزى ذلك لأنبثاقها من أرض الواقع وملامستها للمجتع ، كما إن الأفكار التي تطرحها المدرسة الواقعية منشؤها الركيزة الإجتماعية التي تتقولب منها ، متخذةً من المشاكل ومعاناة المجتمع محورية هادفة ،طرحاً، تفصيلا، ومعالجة لأغلب النصوص السردية على أختلافها، وهذا مانراه في القص القصير بين أيدينا :

العتبة التي أنطلق منها الكاتب مستهلا بها(بالجملة الإنشائية)،وكما هو متعارف نحويا ولغويا بأنها كل كلام ينشئه المتكلم بغرض طلب شئ ما أو بغرض التعبير عن إنفعال بالنفس، متصدراً اسم الإستفهام (من) والمعروف أنه يستخدم للعاقل فكانت المدخلية للقص هو ذلك العاقل الذي سُلب عقله بإشارة ذكية جداً من الكاتب تحفيزاً للمتلقي وتفعيلا لعنصر التشويق على نارٍ هادئة.

يروي لنا السارد الداخلي -البطل - ذاته عن العلاقة المتشنجة بين الأباء والأبناء بمرحلة عمرية معينة ، وهي الفترة التي تبدأبها شخصياتهم بالتكون ومحاولة الأبتعاد عن تبعية الآباء والبعض منهم يرى هذه التبعية إنسياقا أعمى وتبعية عمياء، متناسين أن هذه التبعية إنما هي رعاية أبوية وليست السيطرة وإلغاء شخصيات أبناءهم ، ليسقط في أحضانٍ شائبةتُجمّل السئ وتحيله إلى حق مشروع، وللمخدر قوته بالسيطرة على العقل وتصوير الأمور بهلاوس يعيشها من يتناولها ، فيسقط الغِر في فخها قاتلا لأرحامه غير متذكر لفعله ، وكما هو معلوم طبيا كيف يتغيّب الفكر والعقل بسبب السيطرة التامة للمخدر المستعمل (( لقد خلق الله سبحانه وتعالى طريقة للسعادة في عقل الإنسان، ولكن عندما تستخدم المخدرات تتسبب في خلل هذه الطريقة الربانية من خلال إغراق مركز المخ المسمى (nucleus accumbens)بالدوبامين

هناك مناطق في مخ الإنسان تكون مسؤولة عن تخزين الذكريات والمشاعر فيها، ولذلك إغراق هذه المناطق بهذه المشاعر غيرالحقيقيةعن

طريق زيادة نسبة الدوبامين في المخ يجعلها تتعود على هذا الشعور بهذه القوة، مما يخلق عندها رغبة دائمة في هذا الشعور المزيف بنفس القوة، وهناك منطقة أخرى تخزن أيضا ذكريات الإحساس المثير)).

الحبكة :

إعتمد الكاتب على الحبكة الدرامية التصاعدية للحدث بدءاً من الشجار بين الأب والأبن ختاما بالقتل المروع لكل افراد العائلة.

الخطاب السردي: 

إنماز الخطاب في القص السردي على ( المونولوج) حيث يتبادل البطل خطابه ذاتياً متخذاً من دلالة الفعلين الماضي والمضارع الفنية متَكَئاً معنويا لإيصال الفكرة التي رام إيصالها للقارئ ، فنرى النص غزيراً بالأفعال( يغضب، تأخذني، أتخبط، ينصت، يعطيني.....)لإستمرارية الحدث ،متماهي والحالة النفسية المضطربة التي يعيشها البطل ، كما إن لدلالة الفعل الماضي أنّه تحقق الوقوع، وذلك في تكراره لإستعمال الأفعال الماضية، فالسّرُّ في مجيئها على صورة الفعل الماضي للدلالة على الجزم بتحقق وقوعها مؤكداً لمعانيها مفردة تارة وبأظافتها للضمير تارة أخرى(كنتُ، إنتظرتُ، بحثتُ، نادتني، قادتني، انتشلتني، إرتمى، هجم،......)

الشخوص في القص:

اعتمد الكاتب على شخصيةرئيسية ظاهرة (الأبن) وشخصية رئيسية مؤثرة( الأب) وهي التي تلاعبت في سير الحدث وتصاعده للذروة وشخصية مؤثرة عكسياً ثالثة( صديق السوء) وهي الشخصية التي استلمت مقود التأثير السلبي في حياة الأبن ، كما عاضد أستقامة التأثير والفكرة وجود الشخصيات الثانوية المتمثلة بالأم والأخوة الصغار وختاماً القاضي.

وهذه الشخصيات تناسقت متماسكة لرصّ التأثير وإحكام الحلقة الدائرية التي أُطبقت بالنهاية على حياة مضطربة متمردة.

الزمكان :

وظّف الكاتب زمكانه بتقنية متسلسلة حيث جعل المكان فضاءً مزدوجا- مغلق مفتوح- بمايتوائم والحالة الهيستيرية والهلاوس التي كانت تنتابه جرّاء تناوله للمخدر، أما الزمن فجعله زمناً تعاقبياً يمضي بحركة لولبية سريعة، جاعلا من الليل زمناً ممتداً كناية عن الظلام الذي كان يلف أفكاره السوداوية القاتمة ، فخيالاته التي انقض عليها بضراوة صوّرت له الأب كلصٍ ينوي سرقت البيت والمتعارف بأن اللص إنما يسطو ليلا!! وهذه لفتة ذكية من القاص برسم الزمن وتحديد هويته دون الدخول في مفصلية زمنية واحدة !!

الإيقاع النفسي والتناسق الموسيقي في النص :

تلاعب الكاتب بمهارة سرده وسهولته وانسيابه ، بلغة جزلة وسلسة بما يتماهى والمدرسة التي أسند قصه إليها وهي المدرسة الواقعية، عازفا بالرتم الوتري الخافت والإيقاع الصاخب بتسلسل الحدث صعوداً، 

((بعض أنواع المهلوسات يحدث تأثيرَها التداخل والتأثير في التفاعل بين الناقل العصبي( سيروتونين) والخلايا العصبية، بينما تعمل مواد أخرى على التأثير على مستقبلات الألم في الدماغ، والذاكرة والمناطق المسؤولة عن التعلم.

رغم انعدام دراسات موثقة توضح الآثار التفصيلية للمواد المهلوسة، فإنه يمكن إجمال أهمها في التالي:

• قد يرى الشخص أشياء غير حقيقية ويسمع أصواتا غير موجودة.

• التأثير على الجهاز العصبي لا يتوقف على ذلك، إذ قد يمتد ليشمل الإحساس بأشياء غير حقيقية.

• تغيرات حادة في المزاج.

• نوبات خوف وهلع.

• التأثير على الشعور بالوقت.

• من الضروري تأكيد أن آثار هذه المواد غير ثابتة، لذلك قد تكون ممتعة للبعض أو تحفز مشاهد مرعبة لدى الآخرين)).

وهذا ماتلاعب به الكاتب بحرفية عالية إذ بيّن لنا هذه التأثيرات مُجَسّدة بقصه القصير ، متناولاً مشكلة إجتماعية طرفاها (أب ) عصبي وحاد المزاج و(ابن) مراهق تنمو شخصيته وتكبر مادّة جذورها بين طيات المجتمع .و(صديق) سوء كنباتٍ خبيث يلتف حول البراعم الفتية الناتئة .نجح القاص في إيصال فكرته بأسلوبه السردي المبهر بإجاده للعلاقة التجاذبية بين النص والقارئ ، فأدخلنا مرغمين منشدين بأسلوبه الساحر الهادر لقضية يعاني منها أبناؤنا ويضجّ من تفاقمها الآباء، ليختم بقفلة رائعة تتضح معها معالم تلك الحبوب التي كان يحلق بها عالياً، فاقدا للذاكرة الوقتية وقت

 أ. جمانة الزبيدي 

العراق 

   مجلة العربي الأدبية 

ا. جمانة الزبيدي .. قراءة نقدية عن نص " من فعل هذا " أ. مناف مسلم


التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة العربي الأدبية

2022