-->
مجلة العربي الأدبية مجلة العربي الأدبية
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أ. محمد الدليمي .. "دلالة الألفاظ " -مجلة العربي الأدبية




" دلالة الألفاظ "


كتب أ. محمد الدليمي :

 أن اللُّغة العربية جعلت لكل لفظ استقلالية تامة عن غيره. وبذلك امتلك اللفظ معنى واحداً، يختص به عن غيره، وإضافة لذلك امتلك عن طريق المجاز معنى ثانياً لا يستعمل في الحقيقة إلاّ عن طريق المجاز. وهذه ألفاظ المجاز هي نفسها الألفاظ الحقيقية، إلاّ أن المعنى الذي يسوقه السياق يتخذ معنى المجاز، فيصبح اللفظ مجازياً بلفظ حقيقي، قال تعالى ( واذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به ايمانكم ان كنتم مؤمنين ) البقرة: ٩٣، فهذه الألفاظ المستخدمة في الآية الكريمة، كلها حقيقية إلا أن معناها مجازي، وبهذا ينتقل اللفظ من المعنى الحقيقي إلى المجازي.

وعلى هذا السبيل نجد أن اللفظ في اللُّغة العربية، قد امتلك معنى واحداً خاصاً به، لا يتبدل معناه ولا يتغير ولا ينقلب. إلا أنه ينتقل بين عالمين الحقيقي والمجازي. والمعنى المجازي هو يستمد معناه من الحقيقي ويضعها في ميزان المجاز. وعلى هذا نجد ألفاظ اسم الجمع، قد يظهر على اللفظ دلالة ومدلول لمعناه، لا يشترك في معناه أحد من الألفاظ، ولا يتعدى المعنى فيما بينه وبين لفظ آخر، من نفس ألفاظ اسم الجمع. وعلى هذا اخترتُ بعض ألفاظ اسم الجمع لأبييَّن هذا الخاصية اللفظية ومعناها الذي وقع عليها.

إنَّ ألفاظ اسم الجمع تدل على معنيين وأكثر، وهذا هو الظاهر عليها، كما أن معانيها الظاهرة تختلط مع ألفاظ أخر، وهذا إذا ما ميز الإنسان الدارس ذلك، وقد وجد الباحث أن هذه الألفاظ تدرس من الناحية العددية أكثر من دراستها لمعانيها، لأن هذه الألفاظ هي من ألفاظ العدد. أما دراستها من ناحية المعنى فهي لا يستقر معناها إلا باستقرار المعنى العددي لها.

فلفظة (نفر) هي أول الألفاظ العددية، التي يمكن أن نقرأ العدد من خلالها، فهي تعني العدد من ثلاثة إلى سبعة، ولا يمكن أن تأخذ غير هذا المعنى بتاتاً، لأن هذا العدد هو قلة القليل من جمع اللفظ فيه، ولو زدنا رقماً واحداً عليها لفقدنا المعنى الذي يحمله هذا اللفظ، ومن ثَمَّ تعدى هذا اللفظ إلى لفظ آخر، وأصبح لدينا معنى واحد للفظين هم: (نفر، رهط). وأن الأعداد من ثلاثة إلى سبعة هي أول الجمع، وقد عرفت العرب ذلك بِعدْ القليل بالرقم سبعة. أما ما فوق السبعة إلى العشرة، فهو (رهط)، وذلك لأن الرقم عشرة هو نهاية الأعداد المفردة، فتبيين لنا أن نهاية عدد (الرهط) هو الرقم عشرة. وأما الأعداد المركبة فهي كانت تعني المعنى ما بين الكثير والكثير، فكان ذلك المعنى هو للفظ (عُصْبة)، فهي تعني من أحد عشر إلى عشرين، وذلك لأن الرقم عشرين يأتي بعدهُ الأعداد المعطوفة وهي تعني الجمع الكثير جداً، فما كان معطوفاً إلى المائة فهو عصابة، وذلك لأن الأعداد بعد المائة إلى ثلاثمائة هي أول الجمع الكثير جداً، لأن الجمع يبتدئ بالرقم ثلاثة. والأعداد المفردة يبتدئ الجمع فيها من الرقم ثلاثة، وهي تعني أول الجمع؛ فهي كذلك تعني الأول بالجمع الكثير جداً، فكان ذلك من حصة الكتيبة فهي تعني العدد من مائة إلى ثلاثمائة. وما بعدها إلى ما لا نهاية فهو فوج. إذا لم يكن هناك أفواج غيره، وإلا جمع الأفواج فهي فرقة، ولا يمكن أن نسمي الفرقة فرقة إلا إذا جمعت ثلاثة أفواج فما فوق، وهذا لغير العسكر. أما إذا كان الفوج للعسكر فيكون الفوج بعد أن يقسم إلى أفواج، فيصبح عدد الفوج من الجنود سبعمائة جندي، فلا يزيد على ذلك لأنه أول الجمع القليل، وبعد تعدد الأفواج من ثلاثة إلى سبعة فهو جحفل (لواء) فيكون عدد جنود الجحفل إلفين ومائة جندي لا غير.

وإن زاد على هذا فيصبح بعد ذلك جحفل آخر، فهما جحفلان، ولا يمكن أن نسمي له فرقة حتى يقسم إلى ثلاثة جحافل إلى تسعة فيسمى فرقة، وإن أصبحت ثلاثة فرق فهي فيلق.

ولا يسمى الفوج الواحد جيشاً، ولا اللواء جيشاً، لأن لفظة الجيش تجمع أكثر من ذلك فيكون مطافها الأخير إلى ثلاثة فيالق فيسمى جيشاً.

وبعد هذا التقسيم فكل اسم اتخذ معنى خاصاً به وبعدده ولا يمكن أن يختلط المعنى على السامع بعد هذا التقسيم، وكله جاء من بيان العدد لمعدوده.


من كتابي اللغة مبنى ومعنى

 أ. محمد الدليمي 

العراق 

   مجلة العزبي الأدبية 

أ. محمد الدليمي .. دلالة الألفاظ "


التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة العربي الأدبية

2022