-->
مجلة العربي الأدبية مجلة العربي الأدبية
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

أ. وفاء عبد الحفيظ .. قصة" بين إنشطار الروح " -مجلة العربيدالأدبية



"بين إنشطار الروح"


كتبت أ. وفاء عبد الحفيظ :

حدقت في اتجاهات الزمن علّها تجدُ متنفسًا، يحيلُ سواد أيامها إلى صورة رمادية، ربما حالفها الحظ وصارت لونًا واضحًا، يتخلله الضوء،

بين نافذة الأمل وقفت تعيد أشرطة الزمن الذي مضى على عجالة منها دون أن تستطيع أن توقفه،

 كانت مغصوبة، بلا هوية تجعلها في صفوف أصحاب الرأى.

طفلة ألبسوها ثوبًا فضفاضًا ، لم تستطع أن تجعله يليق بها حين تساق الشاة، لن ينفعها البكاء،

تزوجت من رجل يكبرها بخمس عشرة سنة، كانت حياتها متمثلة في الإنجاب والطبخ، وأعمال المنزل صارت عجوزا وهي مازالت في الأربعين ، كانت وسط عائلة تقوم بخدمة الجميع، 

تستيقظ مبكرًا قبل الجميع ، تقوم بالخبز ثم تحضر الألبان من موضع حصولها من الماشية، تُعد الفطور وتفرز الأنواع بين الصغار والكبار، عندما تشتكي لزوجها شدة العناء، تكون الإجابة: أنت أصغر النساء وهذا واجب زوجة الابن حديثة العهد، تتجرعُ مرارة القولِ، ينزلُ على مسامعها كالمطرقةٍ ، أثناء سعيها بين ساحة البيت والمطبخ وإعداد الطعام للجميع إلى جانب ترتيب البيت وتنظيفه، كانت تأخذها السرعة لتنجزه، ألتوى كاحلُها ولم تستطع السير إلا بصعوبة ، حاولت الإفلاتَ من الأعمال المنزلية ريثما تستريحُ قليلًا، باءت مساعيها بالفشل تنمر لها زوجُها وزجرها بقوله: لمَ المسكنة التي أنتِ عليها عيبٌ عليكِ؟!

 ، كلما نجح الصغارُ وجهت لزوجها اللومَ ليسرّ عنها بعض الوقت، يخشوشن بقوله: نحن لسنا في البندر ولا أولاد بكاوات عيشى وأنت خرساء، رأت من نساء الدار الخسة نظير طاعتها العمياء مدخلًا أكثر لتحملها العناء الكبير، كنّ يجلسن للتسامر وحين يرونها قادمة تطلب إحداهن طلباً لتظل في المشقة، 


بلغ كبيرها من العمر سبع عشرة سنة، كلما أملت راحة تجدها كمثيلاتها السابقات، تحجرت في مآقيها الدموع، بكاؤها صامت لكن أنينه في ضجيج مستمر، تجلس في صمت طويل بعدانقضاء ما تقوم به من أشغال شاقة، حتى بلغ بزوجها شدة القسوة أن تأتيه بالطعام أثناء وجوده بالحقل رغم بُعد المسافة، بدأ الإعياء يبدو عليها من سعال دموي و هزال شديد، 

 حتى سقطت فريسة للمرض.

 ، التقطتها يدٌ رحيمةٌ، صديقة للأسرة، طبيبة تقوم على رعايتها تطوعاً، في نهاية الأحداث علمت بمرضها ( اللعين.. الكنسر) مرحلة متأخرة وقفت لتنشد أملاً في بؤرة مظلمة تطل على سائر الكون الذي يسير كالبرق ولديها يقف متحجرًا ، جاءتها الطبيبة لتخبرها بأنها ستقيم في المستشفى حتى يأذن الله بالشفاء، فاجأتها بالرد:- لأ يا دكتورة أنا لن أترك بيتي أنا سأموت وسط أولادي وبلاها المستشفى وقلة القيمة.

أ. وفاء عبد الحفيظ 

جمهورية مصر العربية 

   مجلة العربي الأدبية 

أ. وفاء عبد الحفيظ .. قصة "






التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

مجلة العربي الأدبية

2022