"بِأَيِّ جِنَايَةٍ "
كتبت أ. صفية الدغيم :
قُتِلْتُ وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ جِنَايَةِ
فَكَانَ مَمَاتِي قَبْلَ بَدْءِ وِلَادَتِي
كَأَنّي عَلَى جَمْعِ الْهُمُومِ مُوَكَّلٌ
فَحَيْثُ يَلُوحُ الْهَمُّ أَنْصُبُ رَايْتِي
أَوَانَّكَ يَا دَهْرَ الْمَوَاجِعِ وَالْأَسَى
لِأَجْلِيَ فَقَطْ عُلِّمْتَ فَنَّ الرِّمَايَةِ
فَلَا تَبْتَسِمْ يَا دَهْرُ لِي فَلَرُبَّمَا
أَغَصُّ إِذَا جَرِّبَتُ طَعْمَ السَّعَادَةِ
فَفِي كُلِّ جُرْحٍ لِي تَزِيدُ قَنَاعَتِي
بِأَنَّ جِرَاحَ الْأَمْسِ مَحْضُ دُعَابَةِ
صَغِيرٌ أَنَا يَا رَبُّ مَالِي طَاقَةٌ
عَلَى كُلِّ هَذَا الْهَمِّ فَارْحَمْ بَرَاءَتِي
وَيَا رَبِّ مَالِي فِي الْبَرِيَّةِ صَاحِبٌ
لِمَنْ غَيْرَكَ اللَّهُمَّ أُلْقِي شِكَايَتِي
دُفِعْتُ لِدَرْبٍ لَيْسَ لِيَ مِنْهُ رَجْعَةٌ
فَلَا بُدَّ أَنْ أُمْشِيَهِ حَتَّى النِّهَايَةِ
وَ خِفْتُ كَثِيرًاً لَيْسَ خَوْفَ مَنِيَّتِي
وَلَكِنَّهُ عَجْزِيٌّ وَبُعْدُ الْمَسَافَةِ
وَمَا كُنْتُ بِالضَّوْءِ الْبَعِيدِ لِأَصْطِلِي
لَوَ أَنِّيّ لَمْ أَحْيَا بِعَقْلِ فِرَاشَةٍ
أَأَغْفُو لِأَنْسَى؟ ..كَيْفَ أَنْسَى مَصَائِبِي؟
إِذَا كَانَ دَمْعُ الْعَيْنِ حَشْوَ وَسَادَتِي
فَيَا لَيْتَ أُمِّي أَجْهَضَتْ فِيَّ حَمْلَِهَا
وَلَا عِشْتُ مَيِّتًاً سَامِحَ اللَّهُ دَايْتِي
فَهَبْ يَا زَمَانَ الْقَهْرِ رُوحِي ضَرِيبَةٌ
عَلِيَّ أَمَّا قَدْ حَانَ وَقْتُ الْجِبَايَةِ؟
أ. صفية الدغيم
سوريا
مجلة العربي الأدبية