"جيش من القهر "
كتبت أ. صفية الدغيم :
مُذْ صُرْتُ فِي الْأَرْضِ مَنْفِيَّاً بِلَا بَلَدِ
مَا عُدْتُ وَالدُكَ الْمَعْهُودُ يَا وَلَدِي
جَيْشُ مِنْ الْقَهْرِ يَغْزُو دَاخِلِيٌّ وَ يَدٌ
تُنَقِّلُ الدّمْعَ مِنْ عَيْنِي إِلَى كَبِدِي
أُمَرِّرُ الْعُمُرَ فِي خَيْطَانِ مِسَبِّحَتِي
مُذْ أَنْ وَقَفْنَا عَلَى بَوَّابَةِ الْمَدَدِ
أَقُولُ لِلرِّيحِ: لَا تَمْضِي بِأَشْرِعَتِي
وَلِلْبِلَادِ الَّتِي أُنْفَى لَهَا: ابْتَعَدِّي
وَالْآنَ صِرْتُ غَرِيقًاً لَيْسَ بِي رَمَقٌ
فِي الْيَمِّ يُسْعِفُنِي حَتَّى أَمُدَّ يَدَي
قَدْ عِشْتُ يَا وَلَدِي زَهْرًاً بِلَا عَبَقٍ
طَيْرًاً بِلَا أُفُقٍ، سَقْفًاً بِلَا عَمَدِ
أَلُوذُ بِالدَّمْعِ حَتَّى خِفْتُ يَتْرُكُنِي
وَحْدِي وَمَا ظَلَّ لِي إِلَّاهُ مِنْ أَحَدِ
فَمَا حَفَرْنَا قُبُورَ الْعُمْرِ يَا وَلَدِي
وَ مَا مَشَيْنَا لَهَا إِلّا يَدًاً بِيَدِ
لَا سُحْبَ تُمْطِرُنِي أَحْتَاجُ مُعْجِزَةً
تُقِيمُ جِذْعِي الَّذِي لَا غُصْنَ فِيهِ نَدِيٌّ
أَحْتَاجُ مِنْ نُورِ رَبِّ النّورِ لَوْ قَبَسًاً
يُعِيدُ عَيْنِيِّ لِي مِنْ قَبْضَةِ الرَّمَدِ
أَشْكُو مُصَابِي لِمَنْ ..مَنْ ذَا سِيُمْهِلُنِي
حَتّى يَحُلَّ فَمِي مَا فِيهِ مِنْ عُقَدٍ
كَفَاكَ يَا أَمْسَ أَوْجَاعِي شَبِعْتُ وَمَا
فِي الْقَلْبِ مُتَّسَعٌ يَكْفِي لِحُزْنِ غَدِ
لَوْ أَنَّ عَيْنَكِ يَا أَمَّاهُ تُبْصِرُنِي
لَقُلْتِ يَا لَيْتَ لِمْ أَحْمِلْ وَلَمْ أَلِدِ
ا. صفية الدغيم
سوريا
مجلة العربي الأدبية